وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب عن النبي ﷺ أنه قال في قوله تعالى :﴿ فَطَفِقَ مَسْحاً بالسوق والاعناق ﴾ قطع سوقها وأعناقها بالسيف، وقد جعلها عليه السلام بذلك قرباناً لله تعالى وكان تقريب الخيل مشروعاً في دينه، ولعل كسف العراقيب ليتأتى ذبحها بسهولة، وقيل : إنه عليه السلام حبسها في سبيل الله تعالى وكان ذلك المسح الصادر منه وسما لها لتعرف أنها خيل محبوسة في سبيل الله تعالى وهو نظير ما يفعل اليوم من الوسم بالنار ولا بأس به في شرعنا ما لم يكن في الوجه، ولعل عليه السلام رأى الوسم بالسيف أهون من الوسم بالنار فاختاره أو كان هو المعروف في تلك الإعصار بينهم، ويروى أنه عليه السلام لما فعل ذلك خر له الريح كرامة له، وقيل : إنه عليه السلام أراد بذلك إتلافها حيث شغلته عن عبادة ربه عز وجل وصار تعلق قلبه بها سبباً لغفلته، واستدل بذلك الشبلي قدس سره على حل تحريق ثيابه بالنار حين شغلته عن ربه جل جلاله ؛ وهذا قول باطل لا ينبغي أن يلتفت إليه وحاشا نبي الله أن يتلف مالاً محترماً لمجرد أنه شغل به عن عبادة وله سبيل لأن يخرجه عن ملكه مع نفع هو من أجل القرب إليه عز وجل على أن تلك الخيل لم يكن عليه السلام اقتناها واستعرضها بطراً وافتخاراً معاذ الله تعالى من ذلك وإنما اقتناها للانتفاع بها في طاعة الله سبحانه واستعرضها للتطلع على أحوالها ليصلح من شأنها ما يحتاج إلى إصلاح وكل ذلك عبارة فغاية ما يلزم عليه السلام نسى عبادة لشغله بعبادة أخرى فاستدلال الشبلي قدس سره غير صحيح، وقد نبه أيضاً على عدم صحته عبد الوهاب الشعراني من السادة الصوفية في كتابه اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر ولكن بحمل الآية على محمل آخر، وما ذكرناه في محمولها وتفسيرها هو المشهور بين الجمهور ولهم فيها كلام غير ذلك فقيل ضمير ﴿ رُدُّوهَا ﴾ للشمس والخطاب للملائكة عليهم السلام الموكلين بها، قالوا : طلب ردها


الصفحة التالية
Icon