ولما كانت إصابته لما يشاء ملازمة لإرادته، عبر بها عنها لأنها المقصود بالذات فقال :﴿حيث أصاب﴾ أي أراد إصابة شيء من الأشياء، وقد جعل الله لنبينا ـ ﷺ ـ أعظم من ذلك وهو أن العدو يرعب منه إلى مسيرة شهر من جوانبه الأربعة فيه أربعة أشهر ﴿والشياطين﴾ أي الذين عندهم خفة الريح مع الاقتران بالروح سخرناهم له ؛ ثم نبه على منفعتهم بالإبدال منهم فقال :﴿كل﴾ وعبر ببناء المبالغة في سياق الامتنان فقال :﴿بناء وغواص﴾ أي عظيم في البناء صاعداً في جو السماء والغوص نازلاً في أعماق الماء، يستخرج الدر وغيره من منافع البحر.
ولما دل على مطلق تسخيرهم، دل على أنه قهر وغلبة كما هو شأن أيالة الملك وصولة العز فقال :﴿وآخرين﴾ أي سخرناهم له من الشياطين حال كونهم ﴿مقرنين﴾ بأمره إلى من يشاكلهم أو مقرونة أيديهم بأرجلهم أو بأعناقهم، وعبر به مثقلاً دون " مقرونين " مثلاً إشارة إلى شدة وثاقهم وعظيم تقرينهم.