ولما كان هذا عطاء يفوت الوصف عظمه، زاده تعظيماً بكثرته وتسهيله وسلامة العاقبة فيه فقال :﴿بغير﴾ أي كائناً كل ذلك من العطاء والمن خالياً عن ﴿حساب﴾ لأنك لا تخشى من نقصه وربك هو المعطي والآمر، ولا من كونه مما يسأل عنه في الآخرة لأنه قد أذن لك، فنفي الحساب عنه يفيد شيئين الكثرة وعدم الدرك في إعطاء أو منع، وجعله مصدراً مزيداً يفهم أنه إنما ينفي عنه حساب يعتد به لا مطلق حسب بالتخمين كما يكون في الأشياء التي تعيي الحاصر فيقرب أمرها بنوع حدس.
ولما رفع الحرج عنه في الدارين، أثبت المزيد فقال عاطفاً على ما تقديره : هذا له في الدنيا، مؤكداً زيادة في الطمأنية لكونه خارقاً لما حكم به من العادة في أنه كل ما زاد عن الكفاف في الدنيا كان ناقصاً للحظ في الآخرة :﴿وإن له﴾ أي خاصاً به ﴿عندنا﴾ أي في الآخرة ﴿لزلفى﴾ أي قربى عظيمة ﴿وحسن مآب﴾ أي مرجع. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٣٨٢ ـ ٣٨٨﴾