وامرأته كانت تخدم الناس وتحصل له قدر القوت، ثم بلغت نفرة الناس عنه إلى أن منعوا امرأته من الدخول عليهم ومن الاشتغال بخدمتهم، والشيطان كان يذكره النعم التي كانت والآفات التي حصلت، وكان يحتال في دفع تلك الوساوس، فلما قويت تلك الوساوس في قلبه خاف وتضرع إلى الله، وقال :﴿إِنّى مَسَّنِيَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ لأنه كلما كانت تلك الخواطر أكثر كان ألم قلبه منها أشد.
الثاني : أنها لما طالت مدة المرض جاءه الشيطان وكان يقنطه من ربه ويزين له أن يجزع فخاف من تأكد خاطر القنوط في قلبه فتضرع إلى الله تعالى وقال :﴿إِنّي مَسَّنِىَ الشيطان﴾، الثالث : قيل إن الشيطان لما قال لامرأته لو أطاعني زوجك أزلت عنه هذه الآفات فذكرت المرأة له ذلك، فغلب على ظنه أن الشيطان طمع في دينه فشق ذلك عليه فتضرع إلى الله تعالى وقال :﴿إِنّي مَسَّنِىَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾، الرابع : روي عن النبي ﷺ :
" أنه بقي أيوب في البلاء ثمان عشرة سنة حتى رفضه القريب والبعيد إلا رجلين، ثم قال أحدهما لصاحبه لقد أذنب أيوب ذنباً ما أتى به أحد من العالمين، ولولاه ما وقع في مثل هذا البلاء، فذكروا ذلك لأيوب عليه السلام، فقال : لا أدري ما تقولان غير أن الله يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله تعالى فأرجع إلى بيتي فأنفر عنهما كراهية أن يذكر الله تعالى إلا في الحق " الخامس : قيل إن امرأته كانت تخدم الناس فتأخذ منهم قدر القوت وتجيء به إلى أيوب، فاتفق أنهم ما استخدموها ألبتة وطلب بعض النساء منها قطع إحدى ذؤابتيها على أن تعطيها قدر القوت ففعلت، ثم في اليوم الثاني ففعلت مثل ذلك فلم يبق لها ذؤابة.


الصفحة التالية
Icon