به لفعل واجب الإضمار و﴿ بِهِمُ ﴾ بيان للمدعو عليهم، وتكون الباء للبيان كاللام في نحو سقياً له، وكون اللام دون الباء كذلك دعوى من غير دليل أي ما أتوا بهم رحباً وسعة، وقيل : الباء للتعدية فمجرورها مفعول ثان لأتوا وهو مبني على زعم أن اللام لا تكون للبيان، وكفى بكلام الزمخشري وأبي حيان دليلاً على خلافه، ويقال : مرحباً بك على معنى رحبت بلادك رحباً كما يقال على معنى أتيت رحباً من البلاد لا ضيقاً ؛ ويفهم من كلام بعضهم جواز أن يكون ﴿ مَرْحَباً ﴾ مفعولاً مطلقاً لمحذوف أي لارحبت بهم الدار مرحباً، والجمهور على الأول، وأياً ما كان فالمراد بذلك مثبتاً الدعاء بالخير ومنفياً الدعاء بالسوء.
﴿ إِنَّهُمْ صَالُو النار ﴾ تعليل من جهة الملائكة لاستحقاقهم الدعاء عليهم أو وصفهم بما ذكر أو تعليل من الرؤساء لذلك، والكلام عليه يتضمن الإشارة إلى عدم انتفاعهم بهم كأنه قيل : إنهم داخلون النار بأعمالهم مثلنا فأي نفع لنا فلا مرحباً بهم.
قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (٦٠)
﴿ قَالُواْ ﴾ أي الأتباع وهم الفوج المقتحم للرؤساء.
﴿ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ ﴾ أي بل أنتم أحق بما قيل لنا أو بما قلتم لنا، ولعلهم إنما خاطبوهم بذلك على تقدير كون القائل الملائكة الخزنة عليهم السلام مع أن الظاهر أن يقولوا بطريق الاعتذار إلى أولئك القائلين بل هم لا مرحباً بهم قصداً منهم إلى إظهار صدقهم بالمخاصمة مع الرؤساء والتحاكم إلى الخزنة طمعاً في قضائهم بتخفيف عذابهم أو تضعيف عذاب خصائصهم.