وأما كيفية نفخ الروح، فاعلم أن الأقرب أن جوهر النفس عبارة عن أجسام شفافة نورانية، علوية العنصر، قدسية الجوهر، وهي تسري في البدن سريان الضوء في الهواء، وسريان النار في الفحم، فهذا القدر معلوم.
أما كيفية ذلك النفخ فمما لا يعلمه إلا الله تعالى.
المسألة الثالثة :
الفاء في قوله :﴿فَقَعُواْ لَهُ ساجدين﴾ تدل على أنه كما تم نفخ الروح في الجسد توجه أمر الله عليهم بالسجود، وأما أن المأمور بذلك السجود ملائكة الأرض، أو دخل فيه ملائكة السموات مثل جبريل وميكائيل، والروح الأعظم المذكور في قوله :﴿يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً﴾ [ النبأ : ٣٨ ] ففيه مباحث عميقة.
وقال بعض الصوفية : الملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم، هم القوى النباتية والحيوانية الحسية والحركية، فإنها في بدن الإنسان خوادم النفس الناطقة، وإبليس الذي لم يسجد هو القوة الوهمية التي هي المنازعة لجوهر العقل، والكلام فيه طويل.
وأما بقية المسائل وهي : كيفية سجود الملائكة لآدم، وأن ذلك هل يدل على كونه أفضل من الملائكة أم لا، وأن إبليس هل كان من الملائكة أم لا، وأنه هل كان كافراً، أصلياً أم لا، فكل ذلك تقدم في سورة البقرة وغيرها.
المسألة الرابعة :
احتج من أثبت الأعضاء والجوارح لله تعالى بقوله تعالى :﴿مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ﴾ في إثبات يدين لله تعالى، بأن قالوا ظاهر الآية يدل عليه، فوجب المصير إليه، والآيات الكثيرة واردة على وفق هذه الآية، فوجب القطع به.


الصفحة التالية
Icon