ولما اجتعموا بالعطف أو البدل وصفهم بقوله :﴿أولي الأيدي﴾ أي القوة الشديدة والأعمال السديدة لأن الأيدي أعظم آلات ذلك ﴿والأبصار﴾ أي الحواس الظاهرة والباطنة التي هي حقيقة بأن تذكر وتمدح بها لقوة إدراكها وعظمة نفوذها فيما هو جدير بأن يراعى من جلال الله ومراقبته في الحركات والسكنات سراً وعلناً، وعبر عن ذلك بالأبصار لأنها أقوى مبادئه، ومن لم يكن مثلهم كان مسلوب القوة والعقل، فلم يكن له عقل فكان عدماً، فهو أعظم توبيخ لمن رزقه الله قوة وعقلاً، ثم لا يصرفه في عبادة الله والمجاهدة فيه سبحانه.
ولما اشتد تشوف السامع لما استحقوا به هذا الذكر، قال مؤكداً إشارة إلى محبته سبحانه لمدحهم ورداً على من ينسب إليهم أو إلى أحد منهم ما لا يليق كما كذبه اليهود فيما بدلوه من التوراة في حق إسحاق عليه السلام في بعض المواضع معدياً للفعل بالهمزة إشارة إلى أنه جذبهم من العوائق إليه جذبة واحدة هي في غاية السرعة :﴿إنا أخلصناهم﴾ أي لنا إخلاصاً يليق بعظمتنا التي لا تدانيها عظمة ﴿بخالصة﴾ أي أعمال وأحوال ومقامات وبلايا ومحن هي سالمة عن شوب ما، فصاروا بالصبر عليها في غاية الخلوص.