و"أَزْوَاجٌ" أي أصناف وألوان من العذاب.
وقال يعقوب : الشكل بالفتح المثل وبالكسر الدل.
قوله تعالى :﴿ هذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ﴾ قال ابن عباس : هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع، قالت الخزنة للقادة :"هَذَا فَوْجٌ" يعني الأتباع والفوج الجماعة "مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ" أي داخل النار معكم ؛ فقالت السادة :﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ أي لا اتسعت منازلهم في النار.
والرحب السعة، ومنه رحبة المسجد وغيره.
وهو في مذهب الدعاء فلذلك نصب ؛ قال النابغة :
لاَ مَرْحَباً بِغَدٍ ولاَ أَهْلاً بِهِ...
إنْ كَانَ تَفْرِيقُ الأَحِبَّةِ في غَد
قال أبو عبيدة العرب تقول : لا مرحبا بك ؛ أي لا رحبت عليك الأرض ولا اتسعت.
﴿ إِنَّهُمْ صَالُوا النار ﴾ قيل : هو من قول القادة، أي إنهم صالوا النار كما صليناها.
وقيل : هو من قول الملائكة متصل بقولهم :﴿ هذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ﴾ و ﴿ قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ ﴾ هو من قول الأتباع.
وحكى النقاش : إن الفوج الأوّل قادة المشركين ومطعموهم يوم بدر، والفوج الثاني أتباعهم ببدر.
والظاهر من الآية أنها عامة في كل تابع ومتبوع.
﴿ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ﴾ أي دعوتمونا إلى العصيان ﴿ فَبِئْسَ القرار ﴾ لنا ولكم ﴿ قَالُواْ ﴾ يعني الأتباع ﴿ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هذا ﴾ قال الفراء : من سوّغ لنا هذا وسَنّه.
وقال غيره : من قدم لنا هذا العذاب بدعائه إيانا إلى المعاصي ﴿ فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النار ﴾ وعذاباً بدعائه إيانا فصار ذلك ضعفاً.
وقال ابن مسعود : معنى عذاباً ضعفاً في النار الحيات والأفاعي.
ونظير هذه الآية قوله تعالى :﴿ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار ﴾ [ الأعراف : ٣٨ ].
وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢)


الصفحة التالية
Icon