﴿قالوا﴾ أي : الأتباع ﴿بل أنتم لا مرحباً بكم﴾ أي : إن الدعاء الذي دعوتم به علينا أيها الرؤساء أنتم أحق به منا وعللوا ذلك بقولهم ﴿أنتم قدمتموه﴾ أي : الكفر ﴿لنا﴾ أي : بدأتم به قبلنا وشرعتموه وسننتموه لنا، وقيل : أنتم قدمتم هذا العذاب لنا بدعائكم إيانا إلى الكفر ﴿فبئس القرار﴾ أي : النار لنا ولكم.
﴿قالوا﴾ أي : الأتباع أيضاً ﴿ربنا من قدم لنا هذا﴾ أي : شرعه وسنه لنا ﴿فزده عذاباً ضعفاً﴾ أي : مثل عذابه على كفره ﴿في النار﴾ قال ابن مسعود : يعني حيات وأفاعي.
﴿وقالوا﴾ أي : الطاغون وهم في النار ﴿ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار﴾ يعنون فقراء المؤمنين كعمار وخباب وصهيب وبلال وسلمان الذين كانوا يسترذلونهم ويسخرون بهم وقولهم:
﴿أتخذناهم سخرياً﴾ صفة أخرى ل ﴿رجالاً﴾ أي : كنا نسخر بهم في الدنيا، وقرأ نافع وحمزة والكسائي بضم السين والباقون بكسرها ﴿أم زاغت﴾ أي : مالت ﴿عنهم الأبصار﴾ أي : فلم نرهم حين دخلوها وقال ابن كيسان : أي : أم كانوا خيراً منا ونحن لا نعلم فكانت أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدهم شيئاً.
﴿إن ذلك﴾ أي : الذي حكيناه عنهم ﴿لحق﴾ أي : واجب وقوعه فلا بد أن يتكلموا به ثم بين ذلك الذي حكاه عنهم بقوله تعالى :﴿تخاصم أهل النار﴾ أي : في النار وإنما سماه تخاصماً لأن قول القادة للأتباع : لا مرحباً بهم، وقول الأتباع للقادة : بل أنتم لا مرحباً بكم من باب الخصومة.
تنبيه : يصح في تخاصم أوجه من الإعراب أحدها : أنه بدل من لحق، الثاني : أنه عطف بيان، الثالث : أنه خبر ثان لأن، الرابع : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : هو تخاصم.
ولما شرح سبحانه نعيم أهل الثواب وعقاب أهل العذاب عاد إلى تقرير التوحيد والنبوة والبعث المذكورات أول السورة بقوله تعالى: