واختلف الناس في تأويل ذلك، فقال الجمهور : أسعفه الله في طلبته وأخره إلى يوم القيامة، فهو الآن حي مغو مضل، وهذا هو الأصح من القولين. وقالت فرقة : لم يسعف بطلبته، وإنما أسعف إلى الوقت الذي سبق من الله تعالى أن يموت إبليس فيه. وقال بعض هذه الفرقة : مات إبليس يوم بدر.
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢)
القائل هو إبليس، أقسم بعزة الله تعالى، قال قتادة : علم عدو الله أنه ليست له عزة فأقسم بعزة الله أنه يغوي ذرية آدم أجمع إلا من أخلص الله للإيمان به.
قال القاضي أبو محمد : وهذا استثناء الأقل عن الأكثر على باب الاستثناء لأن المؤمنين أقل من الكفرة بكثير، بدليل حديث بعث الناس وغيره. وجوز قوم أن يستثنى الكثير من الجملة ويترك الأقل على الحكم الأول، واحتجوا بقوله تعالى :﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ﴾ [ الحجر : ٤٢ ] وقال من ناقضهم : العباد هنا : يعم البشر والملائكة، فبقي الاستثناء على بابه في أن الأقل هو المستثنى.
وفتح اللام من ﴿ المخلصين ﴾ وكسرها، قد تقدم ذكره. والقائل :﴿ فالحق ﴾ هو الله تعالى قال مجاهد : المعنى فالحق أنا.


الصفحة التالية
Icon