﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ أي : بنفسي من غير توسط، كأب وأم :﴿ أَسْتَكْبَرْتَ ﴾ أي : أعرض لك التكبر، والاستنكاف :﴿ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾ أي : عليه زائداً في المرتبة.
﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾ يعني أن الروح الحيواني الناري أشرف من المادة الكثيفة البدنية، وعاب عنه ما تضمنته من الحكمة الإلهية، واللطيفة الربانية حتى تمسك بالقياس، وعصى الله تعالى في السجود.
﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا ﴾ أي : من الجنة أو السماء :﴿ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ أي : مطرود من الرحمة، ومحل الكرامة.
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ قال القاشاني : الرجيم واللعين من بعُد عن الحضرة القدسية، المنزهة عن المواد الرجسية، بالانغماس في الغواشي الطبيعية، والاحتجاب بالكوائن الهيولانية. ولهذا وقت اللعن بيوم الدين، وحدد نهايته به ؛ لأن وقت البعث والجزاء هو زمان تجرد الروح عن البدن ومواده، وحينئذ لا يبقى تسلطه على الْإِنْسَاْن. انتهى.