قل لأولئك المشركين، الذين يدهشون ويعجبون ويقولون :﴿ أجعل الآلهة إلهاً واحداً؟ إن هذا لشيء عجاب ﴾ قل لهم : إن هذه هي الحقيقة :﴿ وما من إله إلا الله الواحد القهار ﴾.. وقل لهم : إنه ليس لك من الأمر، وليس عليك منه إلا أن تنذر وتحذر ؛ وتدع الناس بعد ذلك إلى الله الواحد القهار :﴿ رب السماوات والأرض وما بينهما ﴾.. فليس له من شريك. وليس من دونه ملجأ في السماوات أو في الأرض أو فيما بينهما. وهو ﴿ العزيز ﴾ القوي القادر.
وهو ﴿ الغفار ﴾ الذي يتجاوز عن الذنب ويقبل التوبة، ويغفر لمن يثوبون إلى حماه. وقل لهم : إن ما جئتهم به وما يعرضون عنه أكبر وأعظم مما يظنون. وإن وراءه ما وراءه مما هم عنه غافلون :
﴿ قل : هو نبأ عظيم. أنتم عنه معرضون ﴾..
وإنه لأمر أعظم بكثير من ظاهره القريب. إنه أمر من أمر الله في هذا الوجود كله. وشأن من شؤون هذا الكون بكامله. إنه قدر من قدر الله في نظام هذا الوجود. ليس منفصلاً ولا بعيداً عن شأن السماوات والأرض، وشأن الماضي السحيق والمستقبل البعيد.
ولقد جاء هذا النبأ العظيم ليتجاوز قريشاً في مكة، والعرب في الجزيرة، والجيل الذي عاصر الدعوة في الأرض. ليتجاوز هذا المدى المحدود من المكان والزمان ؛ ويؤثر في مستقبل البشرية كلها في جميع أعصارها وأقطارها ؛ ويكيف مصائرها منذ نزوله إلى الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولقد نزل في أوانه المقدر له في نظام هذا الكون كله، ليؤدي دوره هذا في الوقت الذي قدره الله له.
ولقد حول خط سير البشرية إلى الطريق الذي خطته يد القدر بهذا النبأ العظيم.
سواء في ذلك من آمن به ومن صدّ عنه. ومن جاهد معه ومن قاومه. في جيله وفي الأجيال التي تلته. ولم يمر بالبشرية في تاريخها كله حادث أو نبأ ترك فيها من الآثار ما تركه هذا النبأ العظيم.


الصفحة التالية
Icon