قال تعالى "فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ" فأضاف له شريكا فجعل له بنين وبنات "وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ" الأمر الذي هو الصدق نفسه وهو ما جاء به محمد صلّى اللّه عليه وسلم الصادق المصدوق "إِذْ جاءَهُ" على لسان نبينا وأميننا من لدنا فانتبهوا يا قوم "أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ ٣٢" أمثال هؤلاء بلى فيها منازل كثيرة لهم أجارنا اللّه منهم ومنها "وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ" الوحي الحق من عندنا "وَصَدَّقَ بِهِ" آمن بمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ومن تبعه مؤمنا وهذا المراد من ضمير به كما هو المراد في قوله تعالى (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الآية ٥٤ من سورة البقرة في ج ٣ أي هو وقومه، وهذا التفسير أولى وأنسب بالمقام لأن الأوجه في العربية أن يكون جاء وصدق لفاعل واحد لأن التغاير يستدعي إضمار الذي وهو غير جائز في العربية ويستدعي أيضا إضمار الفاعل من غير تقدم الذكر له وهذا بعيد أيضا في النصيح، وقال بعض المفسرين إن ضمير به يعود إلى أبي بكر رضي اللّه عنه، وعليه يكون المعنى والذي جاء بالصدق يعني محمدا وصدق به يعني أبا بكر كما قال أبو العالية والكلبي وجماعة ويروونه عن علي عليه السلام وقال السدي وجماعة أيضا : إن ضمير به يعود إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم وضمير جاء إلى جبريل عليه السلام.
وقال مجاهد وجماعة : إن ضمير به يعود إلى علي كرم اللّه وجهه وضمير
جاء إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم.
وقال آخرون : إن ضمير جاء يعود إلى محمد وضمير به إلى المؤمنين.
فهذه خمسة أقوال كل منها في المعنى صحيح لكن ما جرينا عليه هو الموافق لسياق الآية واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon