وقال الشيخ سيد قطب :
سورة الزمر
مقدمة سورة الزمر
هذه السورة تكاد تكون مقصورة على علاج قضية التوحيد. وهي تطوف بالقلب البشري في جولات متعاقبة ; وتوقع على أوتاره إيقاعات متلاحقة ; وتهزه هزاً عميقاً متواصلاً لتطبع فيه حقيقة التوحيد وتمكنها، وتنفي عنه كل شبهة وكل ظل يشوب هذه الحقيقة. ومن ثم فهي ذات موضوع واحد متصل من بدئها إلى ختامها ; يعرض في صور شتى.
ومنذ افتتاح السورة تبرز هذه القضية الواحدة التي تكاد السورة تقتصر على علاجها: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص... الخ... وتتردد في مقاطعها على فترات متقاربة فيها إما نصاً. وإما مفهوماً..
نصاً كقوله: قل: إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين. قل: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل: الله أعبد مخلصاً له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه... الخ.. أو قوله:(قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ؟ ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين).
ومفهوماً كقوله:(ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون، ورجلا سلما لرجل. هل يستويان مثلاً: الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون).. أو قوله:(أليس الله بكاف عبده ؟ ويخوفونك بالذين من دونه، ومن يضلل الله فما له من هاد، ومن يهد الله فما له من مضل. أليس الله بعزيز ذي انتقام ؟)..


الصفحة التالية
Icon