وقال الفراء :
سورة ( الزمر )
﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾
وقوله: ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ...﴾
ترفع ﴿تنزيل﴾ بإضمار: هذا تنزيل، كما قال: ﴿سُورَةٌ أَنْزلْنَاهَا﴾ ومعناه: هذه سورة أنزلناها وإِن شئتَ جَعَلت رَفعه بمِن. والمعنى: من الله تنزيل الكتاب ولو نصبته وأنت تأمر باتباعه ولزومه كان صَوَاباً ؛ كما قالَ الله ﴿كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ أى الزمُوا كتابَ الله.
﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ ﴾
وقوله: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ...﴾
منصوب بوقوع الإخلاص عَليه. وكذلك مَا أشبهه فى القرآن مثل ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدينَ﴾ ينصب كما فى هَذَا. ولو رفعت (الدين) بِلَهُ، وجعَلت الإخلاص مُكتفِياً غير واقعٍ ؛ كأنك قلت: اعبد الله مُطيعاً فَلَه الدين.
﴿ أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ...﴾
(الذين) فى موضع رفع بِقول مضمر. والمعْنى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ﴾ يقولون لأوليائهم وهى الأصْنام: ما نعبدكم إلاّ لتقرّبونا إلى الله. وكذلك هى فى (حَرف) أُبىّ وهى حرف عبدالله (قالُوا ما نعبدهم) والحكاية إذا كانت بالقول مضمراً أو ظاهراً جاز أن يجعَل الغائب كالمخاطَب، وأن تتركه كالغائب، كقوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَيُغْلَبُونَ﴾ و ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾ بالياء والتاء عَلَى ما وصفتُ لكَ.