يقول: يرضى الشكر لكم. وهذا مِثْل قوله: ﴿فأخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً﴾ أى فزادهم قولُ الناس، فإن قال قائل: كيف قال ﴿وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ وقد كفروا؟ قلتُ: إنه لا يرضى أن يكفرو. فمعنى الكفر: أن يكفروا. وليسَ معناه الكفر بعينه. ومثله ممّا يبيّنه لك أن تقول: لست أحبّ الإساءة، وإنى لأحب أن يسىء فلان فيُعذَّب فهذا ممّا يبيّن لك مَعناه.
﴿ وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾
وقوله: ﴿نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ...﴾
يقول: ترك الذى كان يدعوه إذا مسَّه، الضر يريد الله تعالى. فإن قلت: فهلاّ قيل: نسىَ من كانَ يَدعُو؟ قلت: إن (ما) قد تكون فى موضع (مَن) قال الله ﴿قُلْ يأيُّهَا الكافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلاَ أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ يعنى الله. وقال ﴿فانكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء﴾ فهذا وجه. وبه جاء التفسير، ومثله ﴿أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىّ﴾ وقد تكون ﴿نسىَ ما كان يدعُو إليْه﴾ يراد: نسىَ دعاءه إلى الله من قبل. فإن شئتَ جعلت الهَاء التى فى (إليه) لِما وإن شئت جَعَلتَها لله وكلّ مستقيم.
وقوله ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً﴾ ا فهذا تهدُّد وليس بَأمر محض. وكذلك قوله: ﴿فتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ وَمَا أشبهه.
﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴾


الصفحة التالية
Icon