ترفع ﴿وجوههم﴾ و ﴿مسودّة﴾ لأنَّ الفعل قد وقع على (الذين) ثم جاء بعد (الذين) اسم له فعل فرفعته بفعله، وكان فيه معنى نصب. وكذلك فالفعل بكل اسم أوقعتَ عليه الظنّ والرأى وما أشبههما فارفع ما يأتى بعده من الأسمَاء إذا كان معهَا أفاعيلها بعدهَا ؛ كقولكَ: رأيت عبدالله أمرُه مستقيم. فإن قدمت الاستقامة نصبتهَا، ورفعت الاسم ؛ فقلت: رأيت عبدَالله مستقيماً أمرُه، ولو نصبت الثلاثة فى المسألة الأولى عَلى التكرير كان جَائزاً، فتقول: رَأيت عبدَالله أمرَهُ مستقيماً. وقالَ عدِىّ ابن زيدٍ.
ذرِينى إن أمركِ لن يطاعَا * وما ألفيتِنى حِلْمى مُضَاعَا
فنصب الحلم والمُضاع عَلى التكرير. ومثله:
* ما للجمال مشيِها وئيدا *
فخفض الجَمَال والمشى عَلى التَّكرير. ولو قرأَ قارئ ﴿وُجُوهَهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾ عَلى هذا لكانَ صَوَاباً.
﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
وقوله: ﴿بِمَفَازَاتِهِمْ...﴾
جَمْع وقد قرأ أهل المدينة ﴿بِمَفَازَتِهِمْ﴾ بالتوحيد. وكلّ صَوَاب. تقول فى الكلام: قد تَبيَّنَ أمرُ القوم وأُمُورُ القوم، وارتفع الصوت والأصوات (ومعناه) واحد قال الله ﴿إنَّ أنْكَرَ الأصواتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾ ولم يقل: أصْواتٌ وكلّ صَوَاب.
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
وقوله: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ...﴾
تنصب (الله) - يعنى فى الإعراب - بهذا الفعْل الظاهر ؛ لأنه ردّ كلام. وإن شئت نصبته بفعل تُضمره قبله ؛ لأنَّ الأمر والنهىَ لا يتقدّمهما إلاّ الفعل.
ولكن العرب تقول: زيد فليقم، وزيداً فليقم فمَن رفعه قال: أَرفعه بالفعل الذى بعده ؛ إذا لم يظهر الذى قبله. وقد يُرفع أيضاً بأنْ يُضمر له مثل الذى بَعْده ؛ كأنك قلت: ليَنظر زيد فليقم. ومن نصبه فكأنه قال: انظروا زيداً فليقم.