وقد يطلق لفظ الحديث هنا على القرآن من باب المشاكلة فقد جاء عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في سبب نزول هذه الآية أن قوما من الصحابة قالوا يا رسول اللّه حدثنا بأحاديث حسان وبأخبار الدهر فنزلت.
ثم وصف قوله أحسن الحديث لكونه "كِتاباً مُتَشابِهاً" في وعظه وحكمته وإعجازه وآياته ليصدق بعضه بعضا وكونه "مَثانِيَ" يثنى بالتلاوة ويكرر فيه الأمر والنهي والوعد والوعيد والقصص والأخبار والأمثال والأحكام "تَقْشَعِرُّ" ترجف وتضطرب وتتحرك "مِنْهُ" من سماعه والنظر إليه "جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ" عند سماع آيات العذاب والوعيد والتهديد، والاقشعرار هو تقبض الجلد تقبضا شديدا عند عروض خوف شديد ودهوم أمر هائل بغتة فيقال اقشعر جلده وقف شعره وقلوبهم أيضا تقشعر بدليل قوله "ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ" عند سماع آيات الرحمة.
مطلب في الصعق الذي يحصل لبعض الناس عند تلاوة القرآن وسماع الذكر :
روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا اقشعر جلد المؤمن وفي رواية العبد من خشية اللّه تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها.
وروي عن عبد اللّه ابن عروة بن الزبير قال لجدته أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهم كيف كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يفعلون إذا قرىء عليهم القرآن ؟ قالت : كانوا كما نعتهم اللّه عز وجل تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم قال فقلت لها إن أناسا اليوم إذا قرىء عليهم القرآن خرّ أحدهم مغشيا عليه، قالت أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم أي أنها استنكرت ما سمعته.
وروي أن ابن عمر مر برجل من أهل العراق ساقط فقال ما بال هذا ؟ قالوا إنه قرىء عليه القرآن أو سمع ذكر اللّه فسقط، قال ابن عمر إنا لنخشى اللّه وما نسقط، يريد انتقادهم.


الصفحة التالية
Icon