وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) ﴾
﴿ تنزيل ﴾ رفع بالابتداء، والخبر قوله :﴿ من الله ﴾ وقالت فرقة :﴿ تنزيل ﴾ خبر ابتداء تقديره : هذا تنزيل، والإشارة إلى القرآن.
وقرأ ابن أبي عبلة :" تنزيلَ " بنصب اللام.
و: ﴿ الكتاب ﴾ في قوله :﴿ تنزيل الكتاب ﴾ قال المفسرون : هو القرآن ويظهر إلي أنه اسم عام لجميع ما تنزل من عند الله من الكتب، فإنه أخبر إخباراً مجرداً الكتب الهادية الشارعة إنما تنزيلها من الله، وجعل هذا الإخبار تقدمه وتوطئة لقوله :﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب ﴾.
و: ﴿ العزيز ﴾ في قدرته. ﴿ الحكيم ﴾ في ابتداعه. و: ﴿ الكتاب ﴾ الثاني : هو القرآن لا يحتمل غير ذلك.
وقوله :﴿ بالحق ﴾ يحتمل معنيين، أحدهما : أن يكون معناه متضمناً الحق، أي بالحق فيه وفي أحكامه وأخباره. والثاني : أن يكون ﴿ بالحق ﴾ بمعنى بالاستحقاق والوجوب وشمول المنفعة للعالم في هدايتهم ودعوتهم إلى الله.
وقوله تعالى :﴿ فاعبد الله ﴾ يحتمل أن تكون الفاء عاطفة جملة من القول على جملة واصلة، ويحتمل أن يكون كالجواب، لأن قوله :﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ﴾ جملة كأنه ابتداء وخبر، كما لو قال : الكتاب منزل، وفي الجمل التي هي ابتداء وخبر إبهام ما تشبه به الجزاء، فجاءت الفاء كالجواب، كما تقول : زيد قائم فأكرمه، ونحو هذا :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم... التقدير : هذه خولان : و: ﴿ مخلصاً ﴾ حال. و: ﴿ الدين ﴾ نصب به. ومعنى الآية الأمر بتحقيق النية لله في كل عمل، و﴿ الدين ﴾ هنا يعم المعتقدات وأعمال الجوارح.
وقوله تعالى :﴿ ألا لله الدين الخالص ﴾ بمعنى من حقه ومن واجباته لا يقبل غير هذا، وهذا كقوله :﴿ لله الحمد ﴾ [ الجاثية : ٣٦ ]، أي واجباً ومستحقاً. قال قتادة :﴿ الدين الخالص ﴾، لا إله إلا الله.