وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾
أي لو أراد أن يسمي أحداً من خلقه بهذا ما جعله عز وجل إليهم.
﴿ سُبْحَانَهُ ﴾ أي تنزيهاً له عن الولد ﴿ هُوَ الله الواحد القهار ﴾.
قوله تعالى :﴿ خَلَقَ السماوات والأرض بالحق ﴾ أي هو القادر على الكمال المستغني عن الصاحبة والولد، ومن كان هكذا فحقه أن يفرد بالعبادة لا أنه يشرك به.
ونبه بهذا على أن له أن يتعبد العباد بما شاء وقد فعل.
قوله تعالى :﴿ يُكَوِّرُ الليل عَلَى النهار وَيُكَوِّرُ النهار عَلَى الليل ﴾ قال الضحاك : أي يلقي هذا على هذا وهذا على هذا.
وهذا على معنى التكوير في اللغة وهو طرح الشيء بعضه على بعض ؛ يقال كوّر المتاع أي ألقى بعضه على بعض ؛ ومنه كور العمامة.
وقد روي عن ابن عباس هذا في معنى الآية.
قال : ما نقص من الليل دخل في النهار وما نقص من النهار دخل في الليل.
وهو معنى قوله تعالى :﴿ يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل ﴾ [ فاطر : ١٣ ].
وقيل : تكوير الليل على النهار تغشيته إياه حتى يذهب ضوءه، ويغشى النهار على الليل فيذهب ظلمته، وهذا قول قتادة.
وهو معنى قوله تعالى :﴿ يُغْشِي الليل النهار يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ﴾ [ الأعراف : ٥٤ ].
﴿ وَسَخَّرَ الشمس والقمر ﴾ أي بالطلوع والغروب لمنافع العباد.
﴿ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ أي في فَلَكه إلى أن تنصرم الدنيا وهو يوم القيامة ( حين ) تنفطر السماء وتنتثر الكواكب.
وقيل : الأجل المسمى هو الوقت الذي ينتهي فيه سير الشمس والقمر إلى المنازل المرتبة لغروبها وطلوعها.
قال الكلبي : يسيران إلى أقصى منازلهما، ثم يرجعان إلى أدنى منازلهما لا يجاوزانه.
وقد تقدم بيان هذا في سورة "يس".


الصفحة التالية
Icon