ولما كانت الغرف في قرار تقر به العيون لم يقل " من فوقهم " كما قال في أهل النار وقال :﴿من فوقها غرف﴾ أي شديدة العلو.
ولما كان ربما ظن أن الطبقة الثانية السماء، لأن الغرفة أصلها العالي، ولذلك سميت السماء السابعة غرفة، وأن تكون الغرفة مثل ظلل النار ليس لها قرار، قال تحقيقاً للحقيقة مفرداً كما هو المطرد في وصف جمع الكثرة لما يعقل :﴿مبنية ﴾.
ولما كانت المنازل لا تطيب إلا بالماء، وكان الجاري أشرف وأحسن قال :﴿تجري من تحتها﴾ أي الغرف من الطبقة السفلى والطبقة العليا من غير تفاوت بين العلو والسفل، لأن القدرة صالحة لأكثر من ذلك ﴿الأنهار ﴾.
ولما ذكر يوم القيامة وما يكون فيه، بين أنه أمر لا بد منه بقوله، راداً السياق إلى الاسم الأعظم الذي لا يتصور مع استحضار ما له من الجلال إخلاف :﴿وعد الله﴾ مؤكداً لمضمون الجملة بصيغة المصدر الدال على الفعل الناصب له، وهو واجب الإضمار والإضافة إلى الاسم الأعظم الجامع لجميع الصفات، ثم أتبع ذلك بيان ما يلزم من كونه وعده بقوله على سبيل النتيجة :﴿لا يخلف الله﴾ أي الملك الذي لا شريك له يمنعه من شيء يريده.
ولما كان الرعي لزمان الوعد ومكانه إنما يكون للمحافظة عليه فهو أبلغ من رعيه نفسه، عبر بالمفعال فقال :﴿الميعاد﴾ لأنه لا سبب أصلاً يحمله على الإخلاف. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٤٣٣ ـ ٤٣٥﴾