واختلف المفسرون في العبارة عن هذا، فقالت فرقة : أحسن القول كتاب الله، أي إذا سمعوا الأقاويل وسمعوا القرآن اتبعوا القرآن. وقالت فرقة : القول هو القرآن و﴿ أحسنه ﴾ ما فيه من عفو وصفح واحتمال على صبر ونحو ذلك. وقال قتادة : أحسن القول طاعة الله، وهذه أمثلة وما قلناه أولاً يعمها.
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩)
أسقط العلامة التي في الفعل المسند إلى الكلمة لوجهين : أحدهما الحائل الذي بين الفعل والفاعل، ولو كان متصلاً به لم يحسن ذلك، والثاني أن الكلمة غير مؤنث حقيقي، وهذا أخف وأجوز من قولهم : حضر القاضي يوماً امرأة، لأن التأنيث هنا حقيقي. وقالت فرقة : في هذا الكلام محذوف أختصره لدلالة الظاهرة عليه تقديراً :﴿ أفمن حق عليه كلمة العذاب ﴾ تتأسف أنت عليه أو نحو هذا من التقدير، ثم استأنف توقيف النبي ﷺ على أنه يريد أن ينقذ من في النار، أي ليس هذا إليك. وقالت فرقة : الألف في قوله :﴿ أفأنت ﴾ إنما هي مؤكدة زادها لطول، وإنما معنى الآية :" أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟ " لكنه زاد الألف الثانية توكيداً للأمر، وأظهر الضمير العائد تشهيراً لهؤلاء القوم وإظهاراً لخسة منازلهم، وهذا كقول الشاعر [ عدي بن زيد العبادي ] :[ الخفيف ]
لا أرى الموت يسبق الموت شيء... فإنما أظهر الضمير تنبيهاً على عظم الموت، وهذا كثير، ثم استفتح إخباراً آخر ب ﴿ لكن ﴾ وهذه معادلة وتخصيص على التقوى لمن فكر وازدجر.