قوله تعالى :﴿ فاعبد الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين ﴾ ﴿ أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص ﴾.
أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم. في هذه الآية الكريمة، أن يعبده في حال كونه، مخلصاً له الدين، أي مخلصاً له في عبادته، من جميع أنواع الشرك صغيرها وكبيرها، كما هو واضح من لفظ الآية.
والإخلاص، إفراد المعبود بالقصد، في كل ما أمر بالتقرب به إليه، وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من كون الإخلاص في العبادة لله وحده، لا بد منه، جاء في آيات متعددة، وقد بين جل وعلا، أنه ما أمر بعبادة، إلا عبادة يخلص له العابد فيها.
أما غير المخلص فكل ما أتى به من ذلك، جاء به من تلقاء نفسه، لا بأمر ربه، قال تعالى :﴿ وَمَآ أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ﴾ [ البينة : ٥ ] الآية، وقال جل وعلا ﴿ قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين ﴾ [ الزمر : ١١١٢ ] إلى قوله تعالى :﴿ قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي فاعبدوا مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِه ﴾ [ الزمر : ١٣١٥ ].
وقد قدمنا الكلام على العمل الصالح، وأنه لا بد فيه من الإخلاص، في أول سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى :﴿ وَيُبَشِّرَ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات ﴾ [ الكهف : ٢ ] الآية. وفي غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص ﴾ [ الزمر : ٣ ] أي التوحيد الصافي من شوائب الشرك، أي هو المستحق لذلك وحده، وهو الذي أمر به.
وقول من قال من العلماء : إن المراد بالدين الخالص كلمة لا إله إلا الله موافق لما ذكرناه. والعلم عند الله تعالى.
ثم لما ذكر جل وعلا إخلاص العبادة له وحده، بين شبهة الكفار التي احتجوا بها، للإشراك به تعالى، في قوله تعالى هنا :


الصفحة التالية
Icon