وكقوله في نصف الصداق اللازم، للزوجة بالطلاق، قبل الدخول، فنصف ما فرضتم، ولا شك أن أخذ كل واحد من الزوجين النصف حسن، لأن الله شرعه في كتابه في قوله ﴿ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾ [ البقر : ٢٣٧ ] مع أنه رغب كل واحد منهما، أن العفو للآخر عن نصفه، وبين أن ذلك أقرب للتقوى وذلك في قوله بعده ﴿ وَأَن تعفوا أَقْرَبُ للتقوى وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ].
وقد قال تعالى :﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] ثم أرشد إلى الحسن بقوله ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] وقال تعالى :﴿ والجروح قِصَاصٌ ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] ثم أرشد إلى الأحسن، في قوله :﴿ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ﴾ [ المائدة : ٤٥ ].
واعلم أن في هذه الآية الكريمة أقوالاً غير الذي اخترنا.
منها ما روي عن ابن عباس، في معنى ﴿ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه ﴾ [ الزمر : ١٨ ] قال " هو الرجل يسمع الحسن والقبيح فيتحدث بالحسن، وينكف عن القبيح، فلا يتحدث به ".
وقيل يستمعون القرآن وغيره، فيتبعون القرآن.
وقيل : إن المراد بأحسن القول لا إله إلا الله، وبعض من يقول بهذا القول : إن الآية نزلت فيمن كان يؤمن بالله قبل بعث الرسول ﷺ، كزيد بن عمرو بن نفيل العدوي، وأبي الغفاري، وسلمان الفارسي، إلى غير ذلك من الأقوال.
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩)
أظهر القولين في الآية الكريمة، أنهما جملتان مستقلتان، فقوله أفمن حق عليه كلمة العذاب جملة مستقلة، لكن فيها حذفاً، حذف ما دل المقام عليه واضحن لا إشكال فيه.


الصفحة التالية
Icon