فصل فى منزلة السماع
قال ابن القيم :
ومن منازل ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ منزلة (السماع).
وهو اسم مصدر كالنبات وقد أمر الله به في كتابه وأثنى على أهله وأخبر أن البشرى لهم فقال تعالى ٥ : ١٠٨ ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا﴾ وقال ٦٤ : ١٦ ﴿وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا﴾ وقال ٤ : ٤٦ ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ وقال ٣٩ : ١٧، ١٨ ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ وقال: ٧ : ٢٠٤ ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ وقال: ٥ : ٨٣ ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقّ﴾.
وجعل الإسماع منه والسماع منهم دليلا على علم الخير فيهم وعدم ذلك دليلا على عدم الخير فيهم فقال: ٨ : ٢٣ ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾.
وأخبر عن أعدائه: أنهم هجروا السماع ونهوا عنه فقال: ٤١ : ٢٢ ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾.
فالسماع رسول الإيمان إلى القلب وداعيه ومعلمه وكم في القرآن من قوله: ﴿أَفَلا يَسْمَعُونَ﴾ وقال: ٢٢ : ٤٦ ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ الآية.
فالسماع أصل العقل وأساس الإيمان الذي انبنى عليه وهو رائده وجليسه ووزيره ولكن الشأن كل الشأن في المسموع وفيه وقع خبط الناس واختلافهم وغلط منهم من غلط.
نتائج البحث
