ولما كان من المستبعد جداً أن يقسو قلب من ذكر الله، بينه الله وصوره في أعظم الذكر فإنه كان للذين آمنوا هدى وشفاء، وللذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وفي أبصارهم عمى، فقال مفخماً للمنزل بجعل الاسم الأعظم مبتدأ وبناء الكلام عليه :﴿الله﴾ أي الفعال لما يريد الذي له مجامع العظمة والإحاطة بصفات الكمال ﴿نزّل﴾ أي بالتدريج للتدريب وللجواب عن كل شبهة ﴿أحسن الحديث﴾ وأعظم الذكر، ولولا أنه هو الذي نزله لما كان الأحسن، ولقدر - ولو يوماً واحداً - على الإتيان بشيء من مثله، وأبدل من " أحسن " قوله :﴿كتاباً﴾ أي جامعاً لكل خير ﴿متشابهاً﴾ أي في البلاغة المعجزة والموعظة الحسنة، لا تفاوت فيه أصلاً في لفظ ولا معنى، مع كونه نزل مفرقاً في نيف وعشرين سنة، وأما كلام الناس فلا بد فيه من التفاوت وإن طال الزمان في التهذيب سواء اتحد زمانه أو لا، والاختلاف في المختلف في الزمان أكثر، ولم يقل : مشتبهاً، لئلا يظن أنه كله غير واضح الدلالة لا يمدح به.


الصفحة التالية
Icon