وقال ابن عباس :﴿ والذي جاء بالصدق ﴾ هو محمد ﷺ وهو الذي صدق به، وقالت فرقة من المفسرين :" الذي جاء " هو جبريل، والذي صدق به هو محمد صلى الله عليه وسلم. وقال علي بن أبي طالب وأبو العالية والكلبي وجماعة " الذي جاء " هو محمد عليه السلام، والذي صدق هو أبو بكر. وقال أبو الأسود وجماعة منهم مجاهد : الذي صدق هو علي بن أبي طالب وقال قتادة وابن زيد :" الذي جاء " هو محمد ﷺ، والذي صدق به هم المؤمنون. قال مجاهد هم أهل القرآن. وقالت فرقة : بالعموم الذي ذكرناه أولاً، وهو أصوب الأقوال.
وقرأ أبو صالح ومحمد بن جحادة وعكرمة بن سليمان :" وصدَق به " بتخفيف الدال، بمعنى استحق به اسم الصدق، فعلى هذه القراءة يكون إسناد الأفعال كلها إلى محمد عليه السلام، وكأن أمته في ضمن القول، وهو الذي يحسن ﴿ أولئك هم المتقون ﴾ قال ابن عباس : اتقوا الشرك.
واللام في قوله :﴿ ليكفر ﴾ يحتمل أن تتعلق بقوله :﴿ المحسنين ﴾، أي الذين أحسنوا لكي يكفر، وقاله ابن زيد. ويحتمل أن تتعلق بفعل مضمر مقطوع مما قبله، كأنك قلت : يسرهم الله لذلك ليكفر، لأن التكفير لا يكون إلا بعد التيسير للخير، واستدلوا على أن ﴿ عملوا ﴾ هو كفر أهل الجاهلية ومعاصي أهل الإسلام.
وقوله تعالى :﴿ أليس الله بكاف عبده ﴾ تقوية لنفس النبي عليه السلام، لأن كفار قريش كانت خوفته من الأصنام، وقالوا يا محمد أنت تسبها ونخاف أن تصيبك بجنون أو علة، فنزلت الآية في ذلك.
وقرأ حمزة والكسائي :" عباده " يريد الأنبياء المختصين به، وأنت أحدهم، فيدخل في ذلك المطيعون من المؤمنين والمتوكلون على الله، وهذه قراءة أبي جعفر ومجاهد وابن وثاب وطلحة والأعمش. وقرأ الباقون :" عبده " وهو اسم جنس، وهي قراءة الحسن وشيبة وأهل المدينة ويقوي أن الإشارة إلى محمد عليه السلام قوله :﴿ ويخوفونك ﴾.