وقال الآلوسى :
﴿ وَيُنَجّى الله الذين اتقوا ﴾
ما اتصف به أولئك المتكبرون من جهنم.
وقرىء ﴿ ينجى ﴾ بالتخفيف من الانجاء ﴿ اتقوا بِمَفَازَتِهِمْ ﴾ اسم مصدر كالفلاح على ما في "الكشف" أو مصدر ميمي على ما في غيره من فاز بكذا إذا أفلح به وظفر بمراده منه، وقال الراغب : هي مصدر فاز أو اسم الفوز ويراد بها الظفر بالبغية على أتم وجه كالفلاح وبه فسرها السدي، والباء للملابسة متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول مفيدة لمقارنة تنجيتهم من العذاب لنيل الثواب أي ينجيهم الله تعالى من جهنم مثوى المتكبرين لتقواهم مما اتصف المتكبرون به ملتبسين بفلاحهم وظفرهم بالبغية وهي الجنة، ومآله ينجيهم من النار ويدخلهم الجنة، وكون الجنة بغية المتقي كائناً من كان مما لا شبهة فيه.
نعم هي بغية لبعض المتقين من حيث أنها محل رؤية محبوبهم التي هي غاية مطلوبهم ولك أن تعمم البغية، وقوله تعالى :﴿ لاَ يَمَسُّهُمُ السوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ في موضع الحال أيضاً إما من الموصول أو من ضمير ﴿ مفازتهم ﴾ مفيدة لكونهم مع التنجية أو الفوز منفياً عنهم على الدوام مساس جنس السوء والحزن، والظاهر أن هذه الحال مقدرة، وقيل : إنها مقارنة مفيدة لكون تنجيتهم أو مفازتهم بالجنة غير مسبوقة بمساس العذاب والحزن، ولا يخفى أنه لا يتسنى بالنسبة إلى جميع المتقين إذ منهم من يمسه العذاب ويحزن لا محالة، وعد وجود ذلك لقلته وانقطاعه كلا وجود تكلف بعيد، وجوز أن يراد بالمفازة الفلاح ويجعل قوله تعالى :﴿ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ﴾ الخ استئنافاً لبيانها كائنة قيل : ما مفازتهم؟ فقيل : لا يمسهم الخ.
والباء حينئذ على ما في "الكشف" سببية متعلقة بينجي أي ينجيهم بنفي السوء والحزن عنهم.