نعم قال في "الكشف" يؤيد الاتصال بما يليه دون قوله تعالى :﴿ وَيُنَجّى ﴾ أن قوله سبحانه :﴿ وَيُنَجّى الله ﴾ متصل بقوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ ﴾ [ الزمر : ٦٠ ] فلو قيل بعده :﴿ والذين كَفَرُواْ بآيات الله أُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون ﴾ [ الزمر : ٣٦ ] لم يحسن لأن الأحسن على هذا المساق أن يقدم على قوله تعالى :﴿ وَيُنَجّى الله ﴾ على ما لا يخفى ولأنه كالتخلص إلى ما بعده من حديث الأمر بالعبادة والإخلاص إذ ذاك، وهو كلام حسن، ثم الحصر الذي يقتضيه تعريف الطرفين وضمير الفصل باعتبار الكمال كما أشرنا إليه لا باعتبار مطلق الخسران فإنه لا يختص بهم ؛ وجوز أن يكون قصر قلب فإنهم يزعمون المؤمنين خاسرين.
﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون ﴾
أي أبعد الآيات المقتضية لعبادته تعالى وحده غير الله أعبد، فغير مفعول مقدم لأعبد و﴿ تَأْمُرُونّى ﴾ اعتراض للدلالة على أنهم أمروه به عقيب ذلك وقالوا له ﷺ : استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك لفرط غباوتهم ولذا نودوا بعنوان الجهل، وجوز أن يكون ﴿ أَعْبُدُ ﴾ في موضع المفعول لتأمروني على أن الأصل تأمروني أن أعبد فحذفت أن وارتفع الفعل كما قيل في قوله
: ألا أيهذا الزاجري احضر الوغي...
ويؤيد قراءة من قرأ ﴿ أَعْبُدُ ﴾ بالنصب، و﴿ غَيْرِ ﴾ منصوب بما دل عليه ﴿ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ ﴾ أي تعبدونني غير الله أي أتصيرونني عابداً غيره تعالى، ولا يصح نصبه باعبد لأن الصلة لا تعمل فيما قبلها والمقدر كالموجود، وقال بعضهم : هو منصوب به وأن بعد الحذف يبطل حكمها المانع عن العمل، وقرأ ابن كثير ﴿ تَأْمُرُونّى ﴾ بالإدغام وفتح الياء.


الصفحة التالية
Icon