وفي السنة المطهرة من الأحاديث الثابتة في الصحيحين، وغيرهما في هذا الباب ما إن عرفه المطلع عليه حقّ معرفته، وقدره حقّ قدره علم صحة ما ذكرناه، وعرف حقية ما حررناه.
قرأ الجمهور :﴿ يا عبادي ﴾ بإثبات الياء، وصلا، ووقفا، وروى أبو بكر عن عاصم : أنه يقف بغير ياء.
وقرأ الجمهور :﴿ تقنطوا ﴾ بفتح النون.
وقرأ أبو عمرو، والكسائي بكسرها.
﴿ وَأَنِيبُواْ إلى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ أي : ارجعوا إليه بالطاعة لما بشرهم سبحانه بأنه يغفر الذنوب جميعاً، أمرهم بالرجوع إليه بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي، وليس في هذا ما يدلّ على تقييد الآية الأولى بالتوبة لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام، بل غاية ما فيها : أنه بشّرهم بتلك البشارة العظمى، ثم دعاهم إلى الخير، وخوّفهم من الشرّ على أنه يمكن أن يقال : إن هذه الجملة مستأنفة خطاباً للكفار الذين لم يسلموا بدليل قوله :﴿ وَأَسْلِمُواْ لَهُ ﴾ جاء بها لتحذير الكفار، وإنذارهم بعد ترغيب المسلمين بالآية الأولى، وتبشيرهم، وهذا، وإن كان بعيداً، ولكنه يمكن أن يقال به، والمعنى على ما هو الظاهر : أن الله جمع لعباده بين التبشير العظيم، والأمر بالإنابة إليه، والإخلاص له، والاستسلام لأمره، والخضوع لحكمه.
وقوله :﴿ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب ﴾ أي : عذاب الدنيا كما يفيده قوله :﴿ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ﴾، فليس في ذلك ما يدلّ على ما زعمه الزاعمون، وتمسك به القانطون المقنطون، والحمد لله رب العالمين.
﴿ واتبعوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ ﴾ يعني : القرآن، يقول : أحلوا حلاله، وحرموا حرامه، والقرآن كله حسن.
قال الحسن : التزموا طاعته، واجتنبوا معاصيه.
وقال السدّي : الأحسن ما أمر الله به في كتابه.