ثم قال :﴿مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ﴾ والمراد منه التهديد والتخويف والمعنى أنه يفجأ العذاب وأنتم غافلون عنه، واعلم أنه تعالى لما خوفهم بالعذاب بيّن تعالى أن بتقدير نزول العذاب عليهم ماذا يقولون فحكى الله تعالى عنهم ثلاثة أنواع من الكلمات فالأول : قوله تعالى :﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتى على مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ الله وَإِن كُنتُ لَمِنَ الساخرين﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قوله ﴿أَن تَقُولَ﴾ مفعول له أي كراهة أن تقول :﴿ياحسرتى على مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ الله﴾ وأما تنكير لفظ النفس ففيه وجهان الأول : يجوز أن تراد نفس ممتازة عن سائر النفوس لأجل اختصاصها بمزيد إضرار بما لا ينفي رغبتها في المعاصي والثاني : يجوز أن يراد به الكثرة، وذلك لأنه ثبت في علم أصول الفقه أن الحكم المذكور عقيب وصف يناسبه يفيد الظن بأن ذلك الحكم معلل بذلك الوصف، فقوله ﴿يا حسرتا﴾ يدل على غاية الأسف ونهاية الحزن وأنه مذكور عقيب قوله تعالى :﴿على مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ الله﴾ والتفريط في طاعة الله تعالى يناسب شدة الحسرة وهذا يقتضي حصول تلك الحسرة عند حصول هذا التفريط، وذلك يفيد العموم بهذا الطريق.
المسألة الثانية :