وقد عرف الله عز وجل من شاء أن يغفر له، وهو التائب أو من عمل صغيرة ولم تكن له كبيرة، ودلّ على أنه يريد التائب ما بعده ﴿ وَأَنيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ ﴾ فالتائب مغفور له ذنوبه جميعاً، يدل على ذلك ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ [ طه : ٨٢ ] فهذا لا إشكال فيه.
وقال عليّ بن أبي طالب : ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية ﴿ قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله ﴾ وقد مضى هذا في "سبحان".
وقال عبد الله بن عمر : وهذه أرجى آية في القرآن فردّ عليهم ابن عباس وقال أرجى آية في القرآن قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ ﴾ [ الرعد : ٦ ] وقد مضى في "الرعد".
وقرىء "وَلاَ تَقْنِطُوا" بكسر النون وفتحها.
وقد مضى في "الحجر" بيانه.
قوله تعالى :﴿ وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ ﴾ أي ارجعوا إليه بالطاعة.
لما بين أن من تاب من الشرك يغفر له أمر بالتوبة والرجوع إليه، والإنابة الرجوع إلى الله بالإخلاص.
﴿ وَأَسْلِمُواْ لَهُ ﴾ أي اخضعوا له وأطيعوا ﴿ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب ﴾ في الدنيا ﴿ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ أي لا تمنعون من عذابه.
وروي من حديث جابر أن رسول الله ﷺ قال :" من السعادة أن يطيل الله عمر المرء في الطاعة ويرزقه الإنابة، وإن من الشقاوة أن يعمل المرء ويعجب بعمله "
قوله تعالى :﴿ واتبعوا أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾ ﴿ أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ ﴾ هو القرآن وكله حسن، والمعنى ما قال الحسن : التزموا طاعته، واجتنبوا معصيته.
وقال السدّي : الأحسن ما أمر الله به في كتابه.
وقال ابن زيد : يعني المحكمات، وكِلوا علم المتشابه إلى عالمه.


الصفحة التالية
Icon