لقد قلنا إن الرسل لا يأتون إلا عندما تعم الغفلة منهج الله.. لأنه مادام وجد من اتباع الرسول من يدعو إلي منهجه ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر يكون هناك خير. النفس البشرية لها ألوان.. فهناك النفس اللوامة تصنع شرا مرة فيأتي من داخل النفس ما يستنكر هذا الشر فتعود إلي الخير.. ولكن هناك النفس الأمارة بالسوء وهي التي لا تعيش إلا في الشر تأمر به وتغري الآخرين بفعله.. إذا فسد المجتمع وأصبحت النفوس أمارة بالسوء ينطبق عليها قول الحق سبحانه :
كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ
(من الآية ٧٩ سورة المائدة)
تتدخل السماء برسول يعالج اعوجاج المجتمع.. ولكن الله تبارك وتعالى وضع عنصر الخيرية في أمة محمد ﷺ إلي قيام الساعة. قال تعالى :
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)
(سورة آل عمران)
إذن فقد ائتمن الله تبارك وتعالى أمة محمد على المنهج.. ومادام فيها من يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فلن يأتي رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم. نعود إلي قوله تعالى حنيفا.. قلنا إن الحنف هو الاعوجاج.. ونقول إن الاعوجاج عن المعوج اعتدال.. والرسل لا يأتون إلا بعد اعوجاج كامل في المجتمع.. ليصرفوا الناس عن الاعوجاج القائم فيميلون إلي الاعتدال.. لأن مخالفة الاعوجاج اعتدال.. وقوله تعالى :" حنيفا" تذكرنا بنعمة الله على الوجود كله لأنه يصحح غفلة البشر عن منهج الله ويأخذ الناس من الاعوجاج الموجود إلي الاعتدال.. والهداية عند اليهود والنصارى ومفهومها تحقيق شهوات نفوسهم لأن بشرا يهدي بشرا.. والله سبحانه وتعالى قال :


الصفحة التالية
Icon