والثاني : أنها ليست بزائدة، والمثليّة متعلقة بالاعتقاد، أي : فإن اعتقدوا بمثل اعتقادكم، أو متعلقة بالكتاب، أي : فإن آمنوا بكتاب مثل الكتاب الذي آمنتم به، والمعنى : فإن آمنوا بالقرآن الذي هو مصدق لما في التوراة والإنجيل، وهذا التأويل ينفي زيادة " الباء ".
و" ما " في قوله :" بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ " فيها وجهان :
أحدهما : أنها بمعنى الذي، والمراد بها حينئذ : إما الله تعالى بالتأويل المتقدم عند من يجيز وقوع " ما " على أولي العلم نحو :
﴿ والسمآء وَمَا بَنَاهَا ﴾ [ الشمس : ٥ ].
وإما الكتاب المنزل.
[ والثاني : أنها مصدرية، وقد تقدم ذلك.
والضمير في " به " فيه أيضاً وجهان :
أحدهما : أنه يعود على الله تعالى كما تقدم ]
والثاني : أن يعود على " ما " إذا قيل : إنها بمعنى الذي.
قوله :" فَقَدِ اهْتَدَوا " جواب الشرط في قوله :" فَإِنْ آمَنُوا "، وليس الجواب محذوفاً، كهو في قوله :﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ ﴾ [ فاطر : ٤٠ ]، لأن تكذيب الرسل ماض محقق هناك، فاحتجنا إلى تقدير جواب.
وأما هنا فالهداية منهم لم تقع بعد، فهي مستقبلة معنى، وإن أبرزت في لفظ المعنى.
قوله :" فِي شِقَاقٍ " خبر لقوله :" هم "، وجعل الشقاق ظرفاً لهم، وهم مظروفون له مبالغة في الأخبار باستعماله علهيم، وهو أبلغ من قولك : هم مُشَاقّونَ، وفيه :﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ﴾ [ الأعراف : ٦٦ ] ونحوه.
والشِّقَاق : مصدر من شاقَّهُ يُشَاقّه نحو : ضاربه ضِراباً، ومعناه المخالفة والمعاداة.
وفي اشتقاقه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه من الشّق وهو الجانب.
وذلك أن أحد المشاقين يصير في شقّ صابحه، أي : جانبه ؛ قال امرؤ القيس :[ الطويل ]
٨١٦ إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ...
بِشِقِّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ
أي : بجانب.


الصفحة التالية
Icon