أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَدَّ وَإِنْ بَعُدَ فِي الْمَعْنَى بِمَعْنَى مَنْ قَرُبَ فِي إطْلَاقِ الِاسْمِ وَفِي الْحُكْمِ جَمِيعًا ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ، فَكَانَ لِلْجَدِّ هَذَا الضَّرْبُ مِنْ الِاخْتِصَاصِ، فَجَائِزٌ أَنْ يَتَنَاوَلَ إطْلَاقُ اسْمِ الْأَبِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَمِّ هَذِهِ الْمَزِيَّةُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُعْقَلُ مِنْهُ أَيْضًا إلَّا بِتَقْيِيدٍ، وَالْجَدُّ مُسَاوٍ لِلْأَبِ فِي مَعْنَى الْوِلَادِ فَجَائِزٌ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ اسْمُ الْأَبِ وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ عِنْدَ فَقْدِهِ حُكْمَهُ، وَأَمَّا مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْجَدِّ بِاسْمِ الْأَبِ مَجَازٌ، وَأَنَّ الْأَبَ الْأَدْنَى مُرَادٌ بِالْآيَةِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ إرَادَةُ الْجَدِّ بِهِ لِانْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ اسْمٌ وَاحِدٌ مَجَازًا حَقِيقَةً ؛ فَغَيْرُ وَاجِبٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سُمِّيَ الْأَبُ بِهَذَا الِاسْمِ وَهُوَ النِّسْبَةُ إلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْوِلَادِ مَوْجُودٌ فِي الْجَدِّ.
وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَدْ سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَجَازَ إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخَصَّ بِهِ مِنْ الْآخَرِ كَالْإِخْوَةِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَهُمْ هَذَا الِاسْمُ لِأَبٍ كَانُوا أَوْ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَيَكُونُ الَّذِي


الصفحة التالية
Icon