قال أبو حيان : ولا أعلم أحداً أجاز حذف هذه الجملة، لا يحفظ ذلك في شعر ولا غيره، لو قلت " أم زيد " تريد :" أقام عمرو وأم زيد " لم يجز، وإنما يجوز حذف المعطوف عليه مع الواو والفاء إذا دلّ عليه دليل كقولك :" بلى وعمراً " لمن قال : لم يضرب زيداً، وقوله تعالى :﴿ فانفجرت ﴾ [ البقرة : ٦٠ ] أي فضرب فانفجرت، وندر حذفه مع " أو " ؛ كقوله :[ الطويل ]
٧٩٩ فَهَلْ لَكَ أَوْ مِنْ وَالِدٍ لَكَ قَبْلَنَا........................
أي : من أخ أو والد، ومع حمتى كقوله :[ الطويل ]
٨٠٠ فَوَعَجَبَا حَتَّى كُلَيْبٌ تُسُبُّنِي... كَأَنَّ أَبَاهَا نَهْشَلٌ أَوْ مُجَاشِعُ
أي : يسبني الناسُ حتى كليبٌ، على نظر فيه، وإنما الجائز حذف " أم " مع ما عطفت كقوله :[ الطويل ]
٨٠١ دَعَانِي إِلَيْهَا الْقَلْبُ إِنِّي لأَمْرِهِ... سَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا
أي : أم غَيٌّ، وإنما جاز ذلك ؛ لإن المستفهم على الإثبات يتضمنّن نقيضه، ويجوز حذف الثواني المقابلات إذا دلّ عليها المعنى، ألا ترى إلى قوله :﴿ تَقِيكُمُ الحر ﴾ [ النحل : ٨١ ] كيف حذف و" الْبَرْدَ " انتهى.
و" شهداء " خبر كان، وهو جمع شاهد أو شهيد، وقد تقدم أول السورة.
قوله :" إذ حضر " إذ منصوب بشهداء على أنه ظرف لا مفعول به أي : شهداء وقت حضور الموت إياه، وحضور الموت كناية عن حضور أسبابه مقدماته ؛ قال الشاعر :[ البسيط ]
٨٠٢ وَقُلْ لَهُمْ بَادِرُوا بِالعُذْرِ وَالْتَمِسُوا... قَوْلاً يُبَرِّئُكُمْ إِنِّي أَنَا الْمَوْتُ
أي : أنا سببه، والمشهور نصب " يعقوب "، ورفع " الموت "، قدم المفعول اهتماماً وقرأ بعضهم بالعكس.
وقرىء :" حَضِر " بكسر الضاد، قالوا : والمضارع يَحْضُر بالضم شاذ، وكأنه من التداخل وقد تقدم.
قوله :" إذْ قَالَ "، " إذ " هذه فيها قولان :


الصفحة التالية
Icon