فائدة
قال فى مجمع البيان :
الأمة على وجوه :
الأول : الجماعة كما في الآية
والثاني : القدوة والإمام في قوله (إن إبراهيم كان أمة قانتا).
والثالث : القامة في قول الأعشى :
وإن معاوية الأكرمين * حسان الوجوه، طوال الأمم
والرابع : الاستقامة في الدين والدنيا. قال النابغة : حلفت فلم أترك لنفسي ريبة، * وهل يأثمن ذو أمة، وهو طائع أي : ذو ملة ودين
والخامس : الحين في قوله :(وادكر بعد أمة)
والسادس : أهل الملة الواحدة في قولهم أمة موسى وأمة عيسى وأمة محمد صلى الله عليه وعليهما.
وأصل الباب القصد من أمه يومه أما : إذا قصده. أ هـ ﴿مجمع البيان حـ١ صـ ٤٠١ ـ ٤٠٢﴾
كلام نفيس فى الآية الكريمة
﴿تلك﴾ إشارة إلى الأمة المذكورة التى هى إبراهيم ويعقوب وبنوهما الموحدون ﴿أمة﴾ هى فى الأصل المقصود كالعهدة بمعنى المعهود وسمى بها الجماعة لأن فرق الناس تؤمها أى يقصدونها ويقتدون بها وهى خبر تلك ﴿قد خلت﴾ أى مضت بالموت وانفردت عمن عداها، وأصله صارت إلى الخلاء وهى الأرض التى لا أنيس بها، والجملة نعت لأمة ﴿لها ما كسبت﴾ تقديم المسند لقصره على المسند إليه أى لها كسبها لا كسب غيرها ﴿ولكم ما كسبتم﴾ لا كسب غيركم ﴿ولا تسئلون عما كانوا يعملون﴾ أى لا تؤاخذون بسيئات الأمة الماضية كما فى قوله ﴿ولا تسألون عما أجرمنا﴾، كما لا تثابون بحسناتهم فلكل أجر عمله وذلك لما ادعى اليهود أن يعقوب ـ عليه السلام ـ مات على اليهودية وأنه ـ عليه السلام ـ وصى بها بنيه يوم مات وردوا بقوله تعالى ﴿أم كنتم شهداء﴾ الآية قالوا هب أن الأمر كذلك
أليسوا آباءنا وإليهم ينتهى نسبنا فلا جرم ننتفع بصلاحهم ومنزلتهم عند الله تعالى قالوا ذلك مفتخرين باوآئلهم فردوا بأنهم لا ينفعهم انتسابهم إليهم وإنما ينفعهم اتباعهم فى الأعمال فإن أحدا لا ينفعه كسب غيره كما قال ـ عليه السلام ـ " يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بأنسابكم " وقال ـ عليه السلام ـ " من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه " يعنى من أخره فى الآخرة عمله السيئ أو تفريطه فى العمل الصالح لم ينفعه شرف نسبه ولم تنجبر نقيصته به قال الشاعر
أتفخر باتصالك من على... واصل البؤسة الماء القراح
وليس بنافع نسب زكى... يدنسه صنائعك القباح


الصفحة التالية
Icon