وتقديم المسندين على المسند إليهما في ﴿لها ما كسبت ولكم ما كسبتم﴾ لقصر المسند إليه على المسند أي ما كسبت الأمة لا يتجاوزها إلى غيرها وما كسبتم لا يتحاوزكم
ونفى السؤال عن العمل لأنه أقل أنواع المؤاخذة بالجريمة فإن المرء يؤخذ بجريمته فيسأل عنها ويعاقب وقد يسأل المرء عن جريمة غيره ولا يعاقب كما يلام على القوم فعل بعضهم ما لا يليق وهو شائع عند العرب قال زهير :
لعمري لنِعْمَ الحيُّ جَرَّ عليهم... بما لا يُواتيهم حُصَين بن ضَمْضمِ
فنفي أصل السؤال أبلغ وأشمل للأمرين، وإن جعلت قوله :﴿ولكم ما كسبتم﴾ مراداً به الأعمال الذميمة المحيطة بهم كان قوله :﴿ولا تسألون﴾ إلخ احتراساً واستيفاء لتحقيق معنى الاختصاص أي كل فريق مختص به عمله أو تبعته ولا يلحق الآخر من ذلك شيء ولا السؤال عنه، أي لا تحاسبون بأعمال سلفكم وإنما تحاسبون بأعمالكم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ١ صـ ٤٢٢ـ بتصرف يسير﴾
لطيفة
حكى عن بعض العلماء أنه سئل عما وقع من الفتن بين علي ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة ـ رضوان الله عليهم - فقرأ ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)﴾ الآية وهذا جواب حسن في مثل هذا السؤال. أ هـ ﴿تفسير السمعانى حـ ١ صـ ١٤٨﴾
( بصيرة فى الأمة )
الأُمَّة لغة : الرّجُل الجامع للخير، والإِمام، وجماعةٌ أَرسل إِليهم رَسُول، والجيل من كل حىّ، والجنس، ومَن هو على الحقّ، ومُخالف لسائر الأَديان، والحِين، والقامة، والأُمُّ، والوجه والنشاط، والطَّاعة، والعالِم، ومن الوجه : مُعظمُه، ومن الرجل قومه. وأُمَّه الله تعالى : خَلْقه.
وقد ورد فى نصّ القرآن على عشرة أَوجه.
الأَوّل : بمعنى الصَّف المصفوف ﴿وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ أَى صفوف.