وقيل : هو من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه، أي : وضع الكتاب للحساب ﴿ وَجِىء بالنبيين ﴾ أي : جيء بهم إلى الموقف، فسئلوا عما أجابتهم به أممهم ﴿ والشهداء ﴾ الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد ﷺ كما في قوله :﴿ وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ]، وقيل : المراد بالشهداء : الذين استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة لمن ذبّ عن دين الله.
وقيل : هم الحفظة كما قال تعالى :﴿ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ [ ق : ٢١ ] ﴿ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بالحق وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ أي : وقضي بين العباد بالعدل، والصدق، والحال أنهم لا يظلمون، أي : لا ينقصون من ثوابهم، ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم ﴿ وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ﴾ من خير، وشرّ ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب، ولا حاسب، ولا شاهد، وإنما وضع الكتاب، وجيء بالنبيين، والشهداء لتكميل الحجة، وقطع المعذرة.
ثم ذكر سبحانه تفصيل ما ذكره من توفية كل نفس ما كسبت، فقال :﴿ وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ إلى جَهَنَّمَ زُمَراً ﴾ أي : سيق الكافرون إلى النار حال كونهم زمراً، أي : جماعات متفرّقة بعضها يتلو بعضاً.
قال أبو عبيدة، والأخفش : زمراً جماعات متفرّقة بعضها إثر بعض، ومنه قول الشاعر :
وترى الناس إلى أبوابه... زمراً تنتابه بعد زمر