ولما كانوا يعلمون أن السماوات سبع متطابقة بما يشاهدون من سير النجوم، جمع ليكون مع ﴿جميعاً﴾ كالتصريح في جميع الأرض أيضاً في قوله :﴿والسماوات مطويات﴾ ولما كان العالم العلوي أشرف، شرفه عند التمثيل باليمين فقال :﴿بيمينه﴾ ولما كان هذا إنما هو تمثيل بما نعهد والمراد به الغاية في القدرة، نزه نفسه المقدس عما ربما تشبث به المجسم والمشبه فقال :﴿سبحانه﴾ أي تنزه من هذه القدرة قدرته عن كل شائبة نقص وما يؤدي إلى النقص من الشرك والتجسيم وما شاكله ﴿وتعالى﴾ علواً لا يحاط به ﴿عما يشركون﴾ أي إن علوه عن ذلك علو من يبالغ فيه، فهو في غاية من العلو لا يكون وراءها غاية لأنه لو كان له شريك لنازعه هذه القدرة أو بعضها فمنعه شيئاً منها، وهذه معبوداتهم لا قدرة لها على شيء، روى البخاري في صحيحه في التوحيد وغيره من عبد الله رضي عنه قال :
" جاء حبر من اليهود إلى النبي ـ ﷺ ـ فقال : إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يميزهن ثم يقول : أنا الملك، فلقد رأيت النبي ـ ﷺ ـ يضحك حتى بدت نواجذه - تعجيباً وتصديقاً لقوله - ثم قال النبي ـ ﷺ ـ ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ - إلى :- ﴿يشركون﴾ [ الأنعام : ٩١ ] " وروى الشيخان عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ ﷺ ـ :" يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول : أنا الملك اين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون "، وللبخاري عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي ـ ﷺ ـ قال :" يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ". أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٤٦٨ ـ ٤٧٠﴾


الصفحة التالية
Icon