قوله :﴿ الذين اتقوا ربهم ﴾ لفظ يعم كل من يدخل الجنة من المؤمنين الذي اتقوا الشرك، لأن الذين لم يتقوا المعاصي قد يساق منهم زمر وهم الذي سبق لهم أن يغفر الله لهم من أهل المشيئة، وأيضاً فالذين يدخلون النار ثم يخرجون منها قد يساقون زمراً إلى الجنة بعد ذلك فيصيرون من أهل هذه الآية، والواو في قوله :﴿ وفتحت ﴾ مؤذنة بأنها قد فتحت قبل وصولهم إليها، وقد قالت فرقة : هي زائدة. وجواب ﴿ إذا ﴾، ﴿ فتحت ﴾، وقال الزجاج عن المبرد : جواب ﴿ إذا ﴾ محذوف، تقديره بعد قوله :﴿ خالدين ﴾ فيها سعدوا. وقال الخليل : الجواب محذوف تقديره : حتى جاؤوها وفتحت أبوابها، وهذا كما قدر الخليل قول الله تعالى :
﴿ فلما أسلما وتله للجبين ﴾ [ الصافات : ١٠٣ ] وكما قدر أيضاً قول امرىء القيس :[ الطويل ]
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى... أي أجزنا وانتحى. وقال قوم : أشار إليهم ابن الأنباري وضعف قولهم : هذه واو الثمانية مستوعباً في سورة الكهف، وسقطت هذه الواو في مصحف ابن مسعود فهي كالأولى. و﴿ سلام عليكم ﴾ تحية. ويحتمل أن يريد أنهم قالوا لهم سلام عليكم وأمنة لكم. و: ﴿ طبتم ﴾ معناه : أعمالاً ومعتقداً ومستقراً وجزاء.
وقوله تعالى حكاية عنهم :﴿ وأورثنا الأرض ﴾ يريد أرض الجنة، قاله قتادة وابن زيد والسدي والوراثة هنا مستعارة، لأن حقيقة الميراث أن يكون تصيير شيء إلى إنسان بعد موت إنسان، وهؤلاء إنما ورثوا مواضع أهل أن لو كانوا مؤمنين. و: ﴿ نتبوأ ﴾ معناه : نتخذ أمكنة ومساكن.
ثم وصف حالة الملائكة من العرش وحفوفهم به، وقال قوم : واحد ﴿ حافين ﴾ حاف. وقالت فرقة : لا واحد لقوله :﴿ حافين ﴾ لأن الواحد لا يكون حافاً، إذ الحفوف الإحداق بالشيء، وهذه اللفظة مأخوذة من الحفاف وهو الجانب، ومنه قول الشاعر [ ابن هرمة ] :[ الطويل ]
له لحظات عن حفافي سريره... إذا كرها فيها عقاب ونائل