ولما كان هذا ليس لجميع السعداء بل للخلص منهم، دل على ذلك بقوله :﴿الذين اتقوا﴾ أي لا جميع المؤمنين ﴿ربهم﴾ أي الذين كلما زادهم إحساناً زادوا له هيبة، روى أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد ـ رضى الله عنه ـ عن رسول الله ـ ﷺ ـ أنه قال :" يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة، فقيل : ما أطول هذا اليوم؟ قال النبي ـ ﷺ ـ : والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة " وروى الطبراني وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمرو ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي ـ ﷺ ـ قال :" تجتمعون يوم القيامة " - فذكر الحديث حتى قال :" قالوا : فأين المؤمنون يومئذ؟ قال : توضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام يكون ذلك اليوم أقصر على المؤمنين من ساعة من نهار " ويمكن أن يكون السوق إشارة إلى قسر المقادير للفريقين على الأفعال التي هي أسباب الدارين ﴿إلى الجنة زمراً﴾ أهل الصلاة المنقطعين إليها المستكثرين منها على حدة، وأهل الصوم كذلك - إلى غير من الأعمال التي تظهر آثارها على الوجوه.
ولما ذكر السوق، ذكر غايته بقوله :﴿حتى إذا جاءوها﴾ ولما كان إغلاق الباب عن الآتي يدل على تهاون به، وفي وقوفه إلى أن يفتح له نوع هوان قال :﴿وفتحت﴾ أي والحال أنها قد فتحت ﴿أبوابها﴾ أي إكراماً لهم قبل وصولهم إليها بنفس الفتح وبما يخرج إليهم من رائحتها، ويرون من زهرتها وبهجتها، ليكون ذلك لهم سائقاً ثانياً إلى ما لم يروا مثله ولا رأوا عنه ثانياً.
ولما ذكر إكرامهم بأحوال الدار، ذكر إكرامهم بالخزنة الأبرار، فقال عطفاً على جواب " إذا " بما تقديره : تلقتهم خزنتها بكل ما يسرهم :﴿وقال لهم خزنتها﴾ أي حين الوصول :﴿سلام عليكم﴾ تعجيلاً للمسرة لهم بالبشارة بالسلامة التي لا عطب فيها.