ولأبي داود والترمذي عنه رضي اللّه عنه قال : قام النبي صلّى اللّه عليه وسلم في الناس فأثنى على اللّه بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني أنذركموه وما من نبي إلا أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور، وإن اللّه تعالى ليس بأعور، وذلك أن الخبيث يدعي الإلهية مع نقصه واللّه تعالى منزه عن النقص ومبرأ منه، والعور عيب والأنبياء معصومون منه أيضا، لأنهم كاملو الخلقة.
راجع الآية ٨٤ من سورة يوسف المارة وما ترشدك إليه من السور الأخرى.
وروى البخاري ومسلم عن أنس رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : ما من نبيّ
إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، الا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر.
وفي رواية لمسلم : بين عينيه كافر ثم تهجى ك ف ر يقرأه كل مسلم.
وروى البخاري ومسلم عن حذيفة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس أنه نار فماء، والذي يراه الناس أنه ماء فنار محرقة، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنه نار، فإنه ماء عذب بارد.
ورويا عن المغيرة بن شعبة قال : ما سأل أحد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن الدجال ما سألته، وأنه قال لي ما يضرك ؟ قلت إنهم يقولون إن معه جبلا من خبز ونهر ماء، قال هو أهون على اللّه من ذلك.
أي هذا أهون على اللّه من أن يجعل ما خلقه اللّه على يده مضلّا للمؤمنين ومشككا لقلوبهم، وإنما جعله اللّه له ليزداد الذين آمنوا إيمانا ويثبت الحجة على الكافرين، وليس معناه أن ليس معه شيء من ذلك، لما ثبت في الحديث المتقدم أن معه ماء ونارا، وإذا كان معه ماء ونار فلم لا يجوز أن يكون معه جبل خبز ونهر ماء، وإنما أعطي هذا لأنه يظهر والناس في زمن قحط وجدب كما سيأتي بعد.


الصفحة التالية
Icon