قال تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ" تأخذوا راحتكم من التعب بالنوم والاضطجاع وأنكم من الوحشة باجتماعكم بنسائكم وأولادكم "وَالنَّهارَ مُبْصِراً" لتتمكنوا فيه من قضاء حوائجكم وأشغالكم من من غير حاجة إلى ضياء آخر ولتقوموا فيه بوسائل معاشكم وتتعرفوا فيه لفضل ربكم فتصيبوا منه حظكم "إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ" عظيم لا يوازيه
فضل في هذا وفي غيره "وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ" ٦١ فضله ولا يراعون حقه فيمنع استمرار نعمه عليهم لعدم شكرهم إياها، وإذا لم يسلبها منهم يسلبها من أولادهم، وهذا مما لا يمتري فيه أحد، لأنه واقع مشاهد "ذلِكُمُ" الإله العظيم كاشف الكربات ومجيب الدعوات الفعال لما ذكر هو "اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ٦٢" بنسبة هذا لغيره وتنصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره وتختلقون له أندادا وهو لا مثل له وتفترون له شركاء وهو المنفرد في السموات والأرض وتكذبون بقولكم إن اللّه أمرنا بهذا وهو لم يأمركم به "كَذلِكَ" مثل هذا الإفك الواقع من قومك يا محمد "يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا" من قبلهم "بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٦٣" ويكذبون الرسل الذين جاءوهم بها أيضا، قال تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً" تستقرون عليها في حلّكم وترحالكم "وَالسَّماءَ بِناءً" كالسقف المرفوع الذي تستظلون به من الشمس والمطر والرياح وغيرها ولكن شتان بين بنائكم وبنائه وظلالكم وظلاله.


الصفحة التالية
Icon