بأي كتاب أو بأية سنة ترى حبهم عارا علي وتحسب
قال تعالى "أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ" من قومك يا محمد "وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ" التي كانوا فيها أولئك المتمردون ومصانعهم وقصورهم فيها تدل على ذلك، لأنها منها ما هو باق حتى الآن فضلا عن وجودها زمن نزول القرآن وأن البشر الآن يعترف بعجزه عن الإتيان بمثل ما شيدوه من البناء والصروح وعظم هندستها وقوة إتقانها ومع ذلك كله "فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ٨٢" فيها من وقايتهم من عذاب اللّه، وقد مرّ نظير هذه الآية في الآية ٢١ من هذه السورة ولا تعد مكررة لما في هذه من الألفاظ ما ليس في تلك.
ولذلك ذمهم اللّه تعالى بقوله (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) الآية ٣٠ من سورة النجم في ج ١، وقوله بما يقارب هذه الآية لفظا ومعنى "فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ" بأمور الدنيا وتدبيرها واستغنوا عما جاءهم به الأنبياء ولم يعلموا أن ذلك وحده جهل في الحقيقة إذا لم يضموا إليه العلم بأمور الآخرة، ولذلك ذمهم اللّه في الآية ٩ من سورة الروم الآتية بقوله (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) وفي الآية ٦٦ من سورة