فصل فى التعريف بالسورة الكريمة


قال ابن عاشور :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سورة المؤمن
وردت تسمية هذه السورة في السنة " حم المؤمن " روى الترمذي عن أبي هريرة قال :" قال رسول الله صلى الله وسلم :" من قرأ ﴿حم﴾ المؤمن إلى ﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر : ١ـ٣]، وآية الكرسي حين يصبح حُفِظ بهما " الحديث.
وبذلك اشتهرت في مصاحف المشرق، وبذلك ترجمها البخاري في " صحيحه " والترمذي في " الجامع ".
ووجه التسمية أنها ذكرت فيها قصة مؤمن آل فرعون ولم تذكر في سورة أخرى بوجه صريح.
والوجه في إعراب هذا الاسم حكايةُ كلمة ﴿حم﴾ ساكنة الميم بلفظها الذي يقرأ.
وبإضافته إلى لفظ المؤمن بتقدير : سورة حم ذكر المؤمن أو لفظ المؤمن وتسمى أيضا " سورة الطول " لقوله تعالى في أولها :﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ [غافر : ٣]وقد تنوسي هذا الاسم.
وتسمى سورة غافر لذكر وصفه تعالى :﴿غَافِرِ الذَّنْبِ﴾ [غافر : ٣]في أولها.
وبهذا الاسم اشتهرت في مصاحف المغرب.
وهي مكية بالاتفاق وعن الحسن استثناء قوله تعالى :﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ﴾ [غافر : ٥٥]، لأنه كان يرى أنها نزلت في فرض الصلوات الخمس وأوقاتها.
ويرى أن فرض صلوات خمس وأوقاتها ما وقع إلا في المدينة وإنما كان المفروض بمكة ركعتين كل يوم من غير توقيت، وهو من بناء ضعيف على ضعيف فأن الجمهور على أن الصلوات الخمس فرضت بمكة في أوقاتها على أنه لا يتعين أن يكون المراد بالتسبيح في تلك الآية الصلوات بل يحمل على ظاهر لفظه من كل قول ينزه به الله تعالى.
وأشذ منه ما روي عن أبي العالية أن قوله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر : ٥٦]نزلت في يهود من المدينة جادلوا النبي ﷺ في أمر الدجال وزعموا أنه منهم.
وقد جاء في أول السورة[٤]


الصفحة التالية
Icon