قرأها العوام على التنادِ بالتخفيف، وأثبت الحسن وحده [فيه] الياء، وهى من تنادى القومُ. [حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال] حدثنا الفراء قال: وحدثنى حبان عن الأجلح عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: تَنْزِلُ الملائِكةُ من السموات، فتحيط بأقطار الأرض، ويُجَاء بجهنم، فإذا رأوها هالتهم، فندّوا فى الأرض كما تند الإبل، فلا يتوجهون قُطْراً إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا، وذلك قوله: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ والإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تنفذوا من أقطار السماواتِ والأرضِ﴾ وذلك قوله: ﴿وجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَجِىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ وذلك قوله: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلاً﴾. قال الأجلح، وقرأها الضحاك: "التنادّ" مشددة الدال. قال حبان: وكذلك فسّرها الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس.
قال الفراء: ومن قرأها "التناد" [خفيفة] أراد يوم يدعو أهل الجنة أهل النار، وأَهل النار أهل الجنة، وأصحاب الأعراف رجالاً يعرفونهم.
﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾
وقوله: ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ...﴾.
أى: كبر ذلك الجدال مقتا، وَمثله: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ أضمرت فى كبرت قولهم: ﴿اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً﴾ ومن رفع الكلمة لم يضمر، وَقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةٌ تَخْرُجُ﴾.
وقوله: ﴿عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ...﴾.
يضيف القلب إلى المتكبر، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار، وهى فى قراءة عبدالله "كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قَلْبِ كلِّ متكبر جبار"، فهذا شاهدٌ لمن أضاف، والمعنى فى تقدم القلب وَتأخره وَاحد وَالله أعلم.