فما بالك ببقية الأوصاف التي ذكرها الأخباريون ؟ لأن العقل لا يسعها، فعلى العاقل أن يكتفي بما وصف اللّه في كتابه من كونهم غلاظ شداد لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأن العرش من عظم خلق اللّه، وأن الملائكة أقوياء أشداء متناهون في العظمة، وقدمنا ما عثرنا عليه من الأقوال الصحيحة في الآية ٢٠ من سورة التكوير والآية ٥٤ من سورة الأعراف والآية ٤ من سورة طه والآية الأولى من سورة الإسراء في
ج ١ والآية ٦ من سورة هود المارة فراجعها.
هذا، وقد جاء دعاء الملائكة شاملا وكأنها القائل :
إن تغفر اللهم فاغفر جمّا فأي عبد لك لا ألمّا
أشار إلى دعائهم.
قال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ" يوم القيامة من قبل خزنة جهنم حين يضجون من المكث فيها فتقول لهم الملائكة "لَمَقْتُ اللَّهِ" لكم "أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ" والمقت البغض الشديد والبغض نفار النفس من الشيء ترغب فيه، وهو ضد الحب وأشده لمن يراه متعاطيا القبيح من الأعمال، فالكفار يمقتون أنفسهم من طول المكث في جهنم، لأنها أمرتهم بالسوء الذي من أجله وقعوا فيها فيغضبون عليها ويغيظونها ويعضون أناملهم من الغيظ حتى يأكلونها وينكرون على أنفسهم بما قادتهم إليها شهواتهم على رءوس الأشهاد، فعند ذلك تناديهم الملائكة كما قص اللّه عز وجل فتقول لهم "إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ ١٠" باللّه وتكذبون رسله تبعا لأهوائكم واقتداء بآبائكم، فهذا جزاؤكم، فيجاوبونهم بقولهم


الصفحة التالية
Icon