"ما هُمْ بِبالِغِيهِ" أي ذلك الكبر الذي يتوخونه بقصد الترؤس على غيرهم والتعالي عليك يا أكرم الرسل، فأنت أكبر مما يراد بك من كبر وتعاظم "فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ" من كيدهم ومجادلتهم الباطلة والتجئ إلى ربك من مكر من يريد بك المكر وما جدالهم إلا حسدا على ما أولاك اللّه من النعم الكثيرة الدائمة في الآخرة "إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ" لما يقولون فيك "الْبَصِيرُ ٥٦" لما يريدونه من البغي عليك وهو حافظك من كل ما يتوقعونه به.
وسبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا لحضرة الرسول إن صاحبنا المسيح بن داود يأتي آخر الزمان فيبلغ سلطانه البر والبحر ويرد الملك إلينا وأنه يكون منهم ويفعل ما يفعل وهو آية من آيات اللّه، وجادلوه مجادلة بغير حق، لأن المسيح هو عيسى عليه السلام بن مريم الذي كذبوه وأهلوه وأرادوا قتله، ففداه اللّه بالمنافق يهوذا كما سيأتي في الآية ١٥٧ من سورة النساء في ج ٣، ولكنهم يريدون الدجال ممسوح العين اليمنى لأنهم من أتباعه وسيخرج آخر الزمان لإغراء الناس فيقتله السيد عيسى بن مريم، إذ يكون نزوله إلى الأرض زمن خروج الدجال كما يأتي تفصيل هذا في الآية ٦١ من سورة الزخرف الآتية، قال أبو العالية هذا الأمر من اللّه لرسوله بالاستعاذة من الدجال.


الصفحة التالية
Icon