فصل


قال الفخر :
﴿ حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) ﴾
اعلم أن في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي حم بكسر الحاء، والباقون بفتح الحاء، ونافع في بعض الروايات، وابن عامر بين الفتح والكسر وهو أن لا يفتحها فتحاً شديداً، قال صاحب "الكشاف" : قرىء بفتح الميم وتسكينها، ووجه الفتح التحريك لالتقاء الساكنين وإيثار أخف الحركات نحو : أين وكيف، أو النصب بإضمار إقرأ، ومنع الصرف إما للتأنيث والتعريف، من حيث إنها اسم للسورة وللتعريف، وإنها على زنة أعجمي نحو قابيل وهابيل، وأما السكون فلأنا بينا أن الأسماء المجردة تذكر موقوفة الأواخر.
المسألة الثانية :
الكلام المستقصى في هذه الفواتح مذكور في أول سورة البقرة، والأقرب ههنا أن يقال حم اسم للسورة، فقوله ﴿حم﴾ مبتدأ، وقوله ﴿تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله﴾ خبر والتقدير أن هذه السورة المسماة بحم تنزيل الكتاب، فقوله ﴿تَنزِيلَ﴾ مصدر، لكن المراد منه المنزل.
وأما قوله ﴿مِنَ الله﴾ فاعلم أنه لما ذكر أن ﴿حم * تَنزِيلُ الكتاب﴾ وجب بيان أن المنزل من هو ؟ فقال :﴿مِنَ الله﴾ ثم بيّن أن الله تعالى موصوف بصفات الجلال وسمات العظمة ليصير ذلك حاملاً على التشمير عن ساق الجد عند الاستماع وزجره عن التهاون والتواني فيه، فبين أن المنزل هو ﴿الله العزيز العليم ﴾.


الصفحة التالية
Icon